فجأةً وأنا أقيمُ في أحد البلاد المعرّضة للزلازل ولأوّل مرّة في حياتي أعيشُ زلزالاً شدّته متوّسطة بين 5 إلى 6 درجات ريختر .. انقباضٌ في العضلات مع رجفانٍ وتسارعٍ في ضربات القلب وحالةٍ تقترب من الهلع كما هي مع كثيرٍ من الناس، لكنّ المشكلة ليست في كلٍّ ممّا سبق فقط! 

المشكلة أنّني ما زلت أعيشُ حالة القلق المزمن والخوف من الزلزال، وأشعر بميلانٍ وهزّاتٍ في الأرض بعد 3 سنوات من أوّل زلزال! إلى أن قرّرت فهم أعراض القلق التي أعاني منها من خلال فريق استرحت المختصّص في الاستشارات النفسية، والبدء في خطوات علاج القلق أثناء حدوث هذه الحالة والعلاج على الأمد الطويل أيضاً.

فهم أعراض القلق جزءٌ من العلاج النفسي للقلق نفسه، خصوصاً في الحالات التي تستطيع التعامل معها أثناء حدوثها، مقالنا اليوم يقدّم لك جميع أشكال أعراض القلق الشائعة وكيفية التعامل معها مباشرةً عبر أمثلة واقعية، تابع معنا .. 

ما هي أعراض القلق؟

أعراض اضطراب القلق هي نتيجة تكرار تشغيل نظام الإنذار الداخلي في الدماغ دون وجود خطر حقيقي، فالعقل القَلِق يفسّر المواقف العادية وكأنّها تهديد مباشر والتي من شأنها دفع الجسد للبقاء في حالة تأهّب دائم، عبر ارتفاع النبض، وشدّ العضلات، واضطراب التنفّس، هذه الأعراض هي انعكاس لطريقة استجابة الدماغ.

هكذا عرّف الطبيب وعالم النفس البارز د. روبرت إل. ليهي أعراض القلق.

وفي كتابه أيضاً .. يشرح الدكتور ليهي أنّ أعراض القلق تنشأ نتيجة تفاعل معقّد بين دماغك وجسدك وعقيدتك الداخلية، وتظهر على شكل:

• إنذارات جسدية مثل التوتر العضلي، خفقان القلب، ضيق التنفّس أو الدوار.
• اضطرابات نفسية مثل الأفكار المتسارعة، الخوف اللاواعي، وعدم القدرة على التركيز.
• سلوكيات انكماشية مثل تجنّب المواقف، الخروج من الروتين الاعتيادي، والتأهب الدائم. 

أعراض القلق الجسدية

انتبه! حين يتحوّل القلق من فكرةٍ في رأسك إلى شعورٍ  في جسدك سوف تكون البداية من العضلات، تتمثّل في الشدّ الدّائم في الرقبة أو الكتفين، ثمّ يصبح الصداع حالة متكرّرة لديك يبدأ من مؤخرة الرأس ليمتد إلى الجبهة، أمّا المعدة فهي تتأثّر على شكل اضطرابات، أو حرقة، أو شعور بالامتلاء حتى دون طعام كثير.

إليك أفضل التجارب التي تساعدك في الاسترخاء عند حدوث هذه أعراض القلق النفسي الجسديه: 

• حين تشعرُ في انقباضٍ في المعدة وتسارعٌ في النبض خلال فترات الضّغط في العمل .. اتّبع تمرين التنفس مع مدّ الذراعين، قف الآن ثمّ مدّ ذراعين للأعلى وخُذ نفساً عميقاً حتّى تمتلأ الرئتان في الهواء .. أخرج الهواء ببطء وكرّر ذلك 3 مرّات، ستلاحظ أنّ الانقباض يختفي تدريجياً مع الزفير.

• فترةٌ طويلةٌ من الصدر والكتف المشدودين وكأنّك تحمل أوزان ثقيلة .. اتّبع تجربة المشي بوعي في الهواء الطلق، اترك كل ما تفعله واخرج إلى المشي في الشارع القريب منك، راقب خطواتك وتنفّس مع كل خطوة، شهيق مع خطوة، زفير مع خطوة .. 15 دقيقة سوف تلاحظ أنّ الشدّ بدأ يخفّ تدريجياً والحرارة بدأت تتوّزع في الجسد كاملاً. 

إليكَ جدولاً عمليّاً يُمكنه مساعدتك في تحديد أيّ من أعراض نوبات القلق الجسدية تظهر لديك في مواقف معيّنة، وإذا اجتمعت أكثر من 3 أعراض عليكَ فوراً بحجز موعد من خلال تطبيق استرحت للحصول على استشارة عن بعد مع أفضل أطبّاء الصحّة النفسية في السعودية .. أضف إشارة ✅ لكلّ حالة: 

أعراض القلق النفسية والسلوكية 

إذا بدأ القلق في دخول عالم الدماغ والعقل أنت الآن بدأت تدخل مرحلة الخطر! للأسف القلق عند دخوله العقل قد يُعيد تشكيل ما تفكّر فيه، وكيف تتصرف؟ وماذا تشعر؟ حسب وزارة الصحة السعودية الأعراض النفسية تشمل: صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرار، شعور دائم بالإرهاق أو القلق، وغياب للذاكرة المؤقتة. 

أماّ السلوكيات المتغيّرة تشمل سرعة الانفعال، وتقلبات في النوم أو الشهية، وتجنّب مواقف أو أشخاص .. إليكَ تجارب مباشرة لاحتواء بعض أعراض القلق النفسية والسلوكية:

• عند شعورك بسرعة الأفكار وصعوبة التركيز أثناء العمل، أمسك ورقة وقلم وابدأ بكتابة كل ما يدور في ذهنك دون ترتيب أو تصحيح، أسماء، مواعيد، مخاوف، وحتى أفكار غير منطقية، استمر 10 دقائق وستلاحظ أن رأسك أصبح أخف وكأنك أفرغت محتواه على الورقة.

• ضغوطات الحياة وسرعة الحياة المعاصرة وإشعارات الهاتف سبّبت لك إرهاقاً وضعفاً مستمراً، حاول في كلّ يوم اتّباع تمرين التنفّس العميق الذي له أثر كبير في تهدئة العقل والقلب معاً، شهيق لمدّة 4 ثوان، احبسه 4 ثوان، زفير 4 ثوان، راقب النتائج والهدوء بعد 10 دقائق، واستمرّ يومياً بذلك. 

الجدول الآتي يمثّل أهم أعراض القلق الجسدية والسلوكية .. وجود أكثر من إشارة أو عرَض منها يعني أنّك بحاجة إلى العلاج .. فريق استرحت ينتظرك في أيّ وقت إن أردت ذلك .. تابع معنا: 

متى تختفي أعراض القلق؟

أولاً لا يُمكن تصنيف جميع أعراض القلق في يدٍ واحدة! لأنّ بعض الأشخاص يعيشون الأعراض على شكل نوبات حادّة، مفاجئة وشديدة أحياناً تبدأ خلال دقائق وتختفي تدريجياً خلال ساعات! والبعض الآخر يعيش حالات القلق المزمن الذي يمتدّ لأسابيع وشهور أيضاً! 

وزارة الصحة السعودية أكّدت أنّ النوبات الحادّة ترتبط بحدثٍ أو موقفٍ معيّن، وفي دراسة وطنية أجرتها سابقاً وُجد أن 12.4% من ساكني السعودية معرّضون لاضطراب القلق العام (GAD)؛ اللافت أنّ نسبة التشخيص أو العلاج منخفضة جداً، حيث لم يتلقَّ العلاج سوى 0.5% فقط، ما يعني أنّ الكثير يعيشون القلق دون علاجٍ نفسي! 

إذاً .. لن تختفي الأعراض إذا لم تعتمد عقلية الخضوع للعلاج .. في تجربتي مع أعراض القلق الجسدية (نوبات حادّة والخوف من الأماكن المغلقة خصوصاً مترو الأنفاق) عند جلوسي مع أحد المختصين في الصحة النفسية أوضح لي أنّ النوبات الحادّة يُمكن أن تنتهي خلال أقلّ من يوم إذا تمّ التعامل معها مبكّراً، عبر أساليب علّمني إياها أهمّها التنفس العميق والابتعاد عن المؤثّرات والجلسات النفسية.

خلال حديثي مع المختصّ شبّه لي القلق الحاد بالعاصفة الصيفية المفاجئة! صحيح أنّها قويّة لكنها قصيرة إذا وجدت تصريفًا للماء بسرعة، بينما القلق المزمن وهو الأصعب يمثّل موسم الأمطار الطويل الذي يحتاج إلى بنية تحتية جيدة ليتوقّف تأثيره.

إليك جدولاً يوضّح أبرز حالات أعراض القلق ومتى تتوقّع أن تختفي مع العلاج؟

كيف أتعامل مع أعراض القلق؟

سؤال عريض جداً ولكن سوف نحصرُ لك الإجابة بخطواتٍ عمليّة .. الفكرة هنا ليست إيقاف القلق بضغطة زر، بل خفض (حالة التأهّب) لدى الجهاز العصبي خطوة خطوة، مع دمج طرق علاجية يومية مع علاجات جلسات نفسية.

من جهتها أكّدت وزارة الصحة السعودية إلى أنّ فاعلية العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أعلى من علاجات الأدوية مثل SSRIs لبعض الحالات، مع التنبيه إلى أنّ بدء تأثير الأدوية يحتاج أسابيع، بينما التقنيات السلوكية والتنفس والاسترخاء تقدّم تهدئة أسرع أثناء لحظتها. 

علاجات سلوكية واقعية منها ما اعتمدته أنا شخصياً: 

• التنفس العميق الذي كنت أستهينُ به! تمارين التنفس العميق وتقنيات الاسترخاء تخفّض استجابة (الكرّ والفرّ) وتساعد على تهدئة الجسد، جميع العلاجات النفسية تعتمد تمارين التنفس والتأمل وتقنيات استرخاء العضلات التدريجي في إدارة التوتر والقلق.

• النشاط البدني أثناء التعرّض لأيّ حالة من حالات القلق، مجرّد المشي القصير أو حركة بسيطة تساعد على (تفريغ) الشحنة الفسيولوجية للقلق! توصيات الأطبّاء دائماً تشير إلى أنّ النشاط البدني المنتظم يدعم الصحة النفسية ويخفف القلق.

• تجربة مباشرة — تقنية 4-7-8 ماهي؟! دعنا نجرّبها معاً: 

أغلِق عينيك واجلس بظهر مستقيم، ضع طرف اللسان خلف الأسنان العلوية الأمامية، خذ شهيقاً عبر الأنف على 4 عدّات، احبس النفس على 7 عدّات، أخرج الزفير عبر الفم على 8 مع صوت خفيف. 

كرّر الدّورة 4 مرات فقط! ماذا تلاحظ بعد الدقيقة الثانية؟ نعم .. سرعة النبض تهدأ وشدّ الصدر يلين تدريجياً، ما رأيك أن تطبّقها فقط مرتين يومياً؟! صدّق أو لا تصدّق هذه العلاجات السلوكية الصغيرة أثرها أكبر بكثير من الأدوية والعلاجات الأخرى .. ولكن! 

إذا استمرّت الأعراض لأسابيع طويلة، أو أثّرت في نومك وعلاقاتك وعملك، أو تكرر التجنّب والانفعال وتعذّر عليك السيطرة على القلق، حجز الموعد عن طريق تطبيق استرحت يصبح خطوة حكيمة، أطبّاء متخصّصون في الصحّة النفسية يقدّمون لك إرشادات واضحة عند صعوبة إدارة التوتر أو حدوث تغيّر نفسي مؤثر في حياتك اليومية. 

ختاماً..

أعراض القلق بجميع أنواعها مؤشّر على أولويّة الاهتمام في صحّتك النفسية .. في العصر الحديث لا الرجولة، ولا الهرب من هذه الأعراض، ولا إدارتها بأدوية شائعة يُمكن أن تُساعد في تحديد أسباب القلق والعلاج، تطبيق استرحت اختصر عليك الطريق وجهّز لك اختبار القلق من هنا لتتأكّد ممّا تعيشه حالياً. 

بعد أن تشاهد نتائج الاختبار تأكّد أنّ لديك فريق متخصّص في استرحت يريد مساعدتك للتخلّص من هذه الأعراض المُتعبة، سرّية وخصوصية تامّة .. استشارات مُتاحة على مدار السّاعة .. احترافية في تقديم الخدمات .. معالجون نفسيون مختصّصون في المجال لسنواتٍ طويلة .. دعنا نساعدك 

الأسئلة الشائعة: 

1. هل أعراض القلق خطيرة؟

لا تهدد الحياة مباشرة، لكنّها تؤثّر على صحتك الجسدية والنفسية إذا استمرت، إذ يزيد القلق المزمن من خطر اضطرابات النوم، مشاكل الهضم، وأمراض القلب على المدى الطويل إذا لم يُعالج.

2. هل يمكن أن يسبب القلق آلاماً في الصدر؟

نعم، ألم الصدر من أعراض القلق والنوبات الحادة، ينتج الألم من شدّ عضلي وزيادة ضربات القلب، ومع ذلك هذه الأعراض غير مرتبطة بمشاكل القلب.

3. كيف أفرق بين القلق والاكتئاب؟

القلق يتركز على الخوف والتوتر والنشاط الزائد للأفكار، بينما الاكتئاب يتميز بالحزن وفقدان الاهتمام وانخفاض الدافعية، وقد يجتمعان في بعض الحالات

4. هل أعراض القلق مؤقتة؟

مؤقتة في النوبات الحادة فقط، لكن في القلق المزمن تستمرّ لأسابيع أو أشهر، ومدتها تعتمد على السبب وطرق التعامل، ويمكن تقصيرها بالعلاج المبكر

5. ما أفضل وقت لزيارة طبيب نفسي؟

عند استمرار الأعراض أكثر من أسبوعين أو تأثيرها على حياتك اليومية، التدخّل المبكر يمنع تطور القلق إلى اضطرابات أشد.

6. هل الأدوية ضرورية دائمًا لعلاج القلق؟

ليست ضرورية في كل الحالات .. الحالات الخفيفة والمتوسطة تتحسن بالعلاج السلوكي وتقنيات الاسترخاء، بينما الحالات الشديدة أو المزمنة تحتاج دمج الأدوية مع العلاج النفسي