هناك لحظات يمر فيها الإنسان بتغير داخلي لا يستطيع تفسيره، “طاقة مفقودة، اهتمامٌ بالحياة يتلاشى، وابتسامةٌ أصبحت تحتاج جهدًا.”

كأخصائية نفسية، أُريدك أن تعرف أن هذه ليست علامات ضعف، بل إشاراتٍ تستحقُ الإنصات، فكثيرًا ما أسمع هذه العبارة من مرضاي في الجلسة الأولى: “ربما أُبالغ… يمكنني التحمل، أليس هذا طبيعيًا؟“

والحقيقة أن الاكتئاب لا يطرق الأبواب بصوت مرتفع. أحيانًا يبدأ بتعب لا يُفسَّر، فقدان طعم الأشياء، أو ببساطة عدم الرغبة في النهوض من السرير.

هذا المقال ليس لتشخيص نفسك، بل ليكون دليلكَ الأول لفهم ما إذا كانت هذه المشاعر مرتبطةٌ بأعراض الاكتئاب أم هي نفسها؟ وما يمكنك فعله بعد ذلك.

حين لا تبدو بخير، دون سبب واضح. في إحدى الجلسات النفسية، فتاة في عشريناتها، تبدو ملامحها بلا تعابير، وكانت نبرتها هادئة بشكلٍ لافت، كأنها تجهد نفسها لتبدو “طبيعية“. قالت بصوت خافت:

• “أنا لا أعرف لماذا أتيت، لا أشعر أن هناك شيئًا محددًا بي… فقط لم أعد كما كنت.”

عندما بدأت تسرد يومها، لم تذكر مواقف صادمة أو حزنًا واضحًا. لكنها توقفت فجأة وقالت:

• “أنا أستيقظ كل صباح وكأنني أُكمل يومًا بدأ منذ سنوات… لا رغبة في شيء، حتى الأشياء التي كنت أحبها صارت مرهقة. أضحك في العمل، وأتحدث مع أهلي… لكني أختفي داخلي ببطء.”

لم تكن تعاني من نوبات بكاء متكررة، ولا من تغيرات حادة في شخصيتها؛ لكنها كانت تذبل بهدوء. وعندما بدأنا نفكك ما تشعر به، تبيّن أنها تمرّ بأعراض اكتئاب من النوع “المقنّع” لا درامي، ولا ظاهر، لكنه يأكل من الداخل.

ما تمرُ به ليس نادرًا. فالاكتئاب لا يكون دائمًا ضجيجًا وبكاءً… أحيانًا، يكون مجرد شعور خافت بأنك لم تعد أنت.

ما هي أعراض الاكتئاب؟

أعراض الاكتئاب تشمل الحزن المستمر، فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، اضطرابات النوم، تغييرات في الشهية، إضافة إلى أعراض جسدية مثل التعب المستمر وآلام غير مفسرة.

حين تعيش مع الاكتئاب، لا تحتاج لأن تُظهِر دائمًا ما تشعر به. أحيانًا يظن الآخرون أن كلّ شيء على ما يرام، بينما أنت غارقٌ في بحرٍ من مشاعر مختلطة. الحزن لا يظهر في صورة دموع فحسب، بل يتسلل إلى تفاصيل حياتك اليومية، فيؤثر في رغبتك في فعل الأشياء التي كانت تُسعدك.

كيف تبدو الحياة بالنسبة لمن يُعاني من الاكتئاب؟

يستيقظ في السابعة صباحًا، لكنه يشعر وكأن الوقت قد مرّ بسرعة. لا يوجد شعور حقيقي بالاستيقاظ أو الراحة، فقط يشعر بثقل في جسده وكأن اليوم يبدأ بأعباء ثقيلة. يحاول أن ينهض من السرير، ولكن جسده غير متعاون. يبدو وكأن السرير هو المكان الوحيد الذي يوفر له راحة مؤقتة من عالمه الخارجي.

الأفكار تبدأ بالاندفاع: “اليوم سيكون صعبًا كما كان الأمس، ومثل كل الأيام.” يتثاقل نحو الحمام، ويقف أمام المرآة، لكنه لا يرى أي تغيير. لا طاقة لديه للمشاركة في محادثاتٍ حتى مع نفسه أو مع أي شخص آخر. حتى وجهه لا يعكس أي ملامح سعادة أو حيوية، بل هو فارغ، كأن الروح قد تخلت عنه.

الذهاب إلى العمل هو تحدٍ يومي. ليس بسبب صعوبة المهام، ولكن بسبب العزلة الداخلية التي يواجهها. يقف في الزحام، مع الآخرين الذين يتحدثون ويتفاعلون، لكنه يشعر وكأنه في مكان مختلف تمامًا. محاط بجدران غير مرئية تعزله عن كل شيء.

عندما يصل إلى مكتبه، يفتح جهاز الكمبيوتر، ولكن لا يستطيع التركيز على شيء. تتداخل المهام، ويشعر بالضغط من كلّ جهة، لكنه لا يستطيع المُضي قدمًا. الجلوس أمام الشاشة لعدة ساعات بلا إنجازٍ يجعل شعوره بالعجز يتفاقم.

ليس فقط الجسد الذي يتألم من دون سبب واضح، بل عقله الذي يعجز عن التوقف عن التفكير في كل شيء بشكل مبالغ فيه. “هل أنا فاشل؟ لماذا لا يمكنني أن أكون مثل الآخرين؟ لماذا أواجه كل هذا الألم دون سبب” تتكرر هذه الأسئلة في رأسه طوال اليوم.

وقت الغداء، لكنه لا يشعر بالجوع. حتى الطعام لم يعد له طعم. يأخذ بضع لقيمات ثم يترك الطبق على الطاولة. يُفضّلُ أن يظلّ وحده في هذه اللحظات، بعيدًا عن ابتسامات زملائه وحركاتهم البسيطة التي لم تعد تعني له شيئًا. يشعر أنه في زاوية مظلمة داخل مكان مليء بالضوء.

ومع اقتراب نهاية اليوم، يتمنى لو يستطيع أن ينهيه بسرعة. العودة إلى المنزل لا تحمل له شعورًا بالراحة، بل هي مجرد ملاذ مؤقت من العالم الخارجي. لكن الراحة الحقيقية غير موجودة.

في المساء، عندما يخلعُ ثيابه ويجلسُ على الأريكة، يتمنى لو كان لديه القدرة على إيقاف هذا الشعور المستمر بالعجز. “لماذا كل شيء صعب جدًا؟ لماذا لا أستطيع أن أستمتع بأي شيء؟” هذه الأفكار تطارده قبل أن يغرق في نوم متقطع، حيث تستمر الضغوط والمخاوف في أن تطارده حتى في الأحلام.

بين تكرار الأفكار السلبية والجسد الذي يعجز عن مواكبة هذا الضغط النفسي. مع مرور الوقت، تصبح الأيام كلها متشابهة. ليس لأن الأمور السيئة لا تتغير، بل لأن الاكتئاب يُضعف قدرته على رؤية النور وسط الظلام الذي يشعر به.

إذا كنت تشعر بأن يومك يشبه هذا الوصف، فأنت لست وحدك، ومن المهم أن تدرك أن هذه المشاعر تحتاج إلى عناية ودعم متخصص.

الأعراض النفسية للاكتئاب، لا تتركه ينهش روحك وطاقتك

تتعدد أعراض الاكتئاب النفسية وتتفاوت من شخصٍ لآخر، ولكنها في النهاية تجتمع في شيء واحد: “التأثير العميق على الحالة العقلية والعاطفية”. 

لا يظهر الاكتئاب دائمًا في صورة مشاعر ظاهرة للعيان، بل يُمكن أن يظهر في أفكارٍ سلبية مستمرة، أو شعورٍ بالعجز لا مبرر له. لا تترك هذه الأعراض تلتهم طاقتك، فهذا الوقت هو الأنسب لفهم هذه علامات الاكتئاب المبكرة والانتباه لها، لأن العلاج يبدأ مع الفهم.

تلك اللحظات التي تشعر فيها بأنك تائه بين أفكارك ومشاعرك هي أكثر اللحظات التي تميز الاكتئاب. فالأعراض النفسية للاكتئاب تتسلل دون أن تشعر، وتبدأ في تغيير نظرتك للعالم من حولك. 

قد تبدأ بملاحظة هذه التغيرات في التفكير والشعور بالعجز، ثم تنقلب الأمور لتصبح جزءًا من حياتك اليومية. لكن لا تترك الاكتئاب يستنزفك. بمجرد أن تبدأ في ملاحظته، يمكن أن تبدأ في استعادة السيطرة على حياتك.

ويمكن أن تجد الأعراض النفسية في هيئة:

1- الحزن المستمر والشعور باليأس

عندما تشعر بالحزن لأنك حزين، وتيأس من نفسك لأنك لا تعرف أسبابًا واضحة لحزنك الدائم.. ومن المهم أن ننوّه أن هذا الحزن يجب أن يستمر لفترة تتجاوز ثلاث أسابيع، ويؤثر بشكل مباشر على عاطفتك ومزاجك اليومي.

2- فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت محبوبة سابقًا

أنشطتك المُفضلة، لم تعُد مفضلة. بل لا تثير اهتمامك أصلًا، حتى لو أُتيحت لك الفرصة للمارستها والاستمتاع بها، تجد نفسك بلا حافزٍ لها.

3- الشعور بالذنب أو انعدام القيمة

يشعر المصاب بالاكتئاب في كثير من الأحيان بالذنب أو عدم القيمة، حتى تجاه أشياء بسيطة أو أشياء لم يكن له يد فيها. هذا الشعور يعزز من حالة العجز ويزيد من الشعور بالعزلة.

4- صعوبة التركيز واتخاذ القرارات

عدم القدرة على التركيز باستمرار، أو التفكير في أمرٍ محدد، كأن تشعر أن عقلك مشوَّش.. مثل شاشة تلفازٍ قديم غير مُتصلة بأسلاكها.. يكون من الصعب إتمام أي مهمة في حياتك اليومية.

5- القلق المستمر والخوف من المستقبل

القلق الزائد والخوف المستمر من الأمور اليومية يعد من الأعراض النفسية الشائعة للاكتئاب. قد يشعر الشخص بأن الأمور لن تتحسن أبدًا، مما يزيد من الشعور بالعجز.

6- التفكير في الموت أو الانتحار

في الحالات المتقدمة من الاكتئاب، قد يبدأ الشخص في التفكير في الموت أو الانتحار. هذه الأفكار تكون غالبًا نتيجة للشعور بالعجز التام واليأس. إن وردتك مثل هذه الأفكار لا تتردد في التواصل معنا بأسرع وقت ممكن.

إن كنت تشعر أن هذه الأعراض تنطبق عليك فلا تتردد بإجراء اختبار الاكتئاب المجاني من “استرحت” حتى تطمئن.. ونحن بالقرب منك دائمًا للاستشارات النفسية عبر التطبيق.

اعراض الاكتئاب الجسدية، عندما ينعكس الحزن على الجسد

ربما لا يدرك الكثيرون أن الاكتئاب يمكن أن يسبب أعراضًا جسدية. تلك الآلام التي لا تجد لها تفسيرًا، التوتر العضلي المستمر، والشعور بالإرهاق الشديد رغم عدم بذل أي مجهود جسدي. أحيانًا، يصبح التعب جسديًا وذهنيًا معًا. 

هذا الإرهاق الذي لا يمكن أن تفسره للمحيطين بك، لأنك لا تستطيع أن تشرح لهم شعورًا غير مرئي، لكنه يعيقك في كل لحظة. الأعراض الجسدية قد تكون في بعض الأحيان أكثر وضوحًا من الأعراض النفسية، وتكون بمثابة إشارات للجسد تخبرنا أن هناك شيئًا يحتاج إلى العلاج.

1- التغيير في النوم والشهية، الجسد يتحدث بلغته

إما أن تجد صعوبة في النوم، أو أنك تنام أكثر من المعتاد، مع شعور دائم بالتعب. نومك ليس مريحًا، فهو مليء بالأحلام المزعجة أو يقظة مستمرة. 

أما الشهية، فقد تتغير بشكل غير طبيعي: إما أن تتوقف عن تناول الطعام تمامًا أو تجد نفسك تبحث عن الطعام في لحظات فراغك. الجسم يطلب ما لا يستطيع العقل أن يُشبع، فتغذي تلك العادات المرهقة روحك المكسورة.

2- التعب والإرهاق المستمر

الشعور بالإرهاق غير المبرر هو من الأعراض الجسدية الشائعة. حتى مع الحصول على قسط كافٍ من النوم، يظل الشخص يشعر بالإرهاق ويجد صعوبة في القيام بالأنشطة اليومية.

3- آلام الجسم غير المُفسرة، العجز عن التعبير

العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب يشكون من آلام جسدية قد تشمل الصداع، آلام الظهر، أو آلام المفاصل. هذه الآلام قد تكون شديدة لدرجة أنها تعيق الشخص عن ممارسة الحياة الطبيعية.

4- الشعور بالدوار أو ضيق التنفس

الاكتئاب قد يتسبب في الشعور بالدوار أو صعوبة في التنفس، وقد يعزd هذا إلى القلق المرافق للاكتئاب. هؤلاء الأشخاص يشعرون كأنهم في حالة من الضيق الجسدي المستمر.

5- مشاكل الجهاز الهضمي

الاكتئاب قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإمساك، الإسهال، أو الغثيان المستمر. هذه الأعراض قد تكون ناتجة عن التوتر النفسي أو القلق الذي يصاحب الاكتئاب.

6- فقدان الرغبة الجنسية

انخفاض الرغبة الجنسية هو عَرَضَ جسدي آخر يعاني منه العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب. قد يكون نتيجة للشعور العام بالعجز أو التعب، أو بسبب التغيرات الهرمونية التي يسببها الاكتئاب.

الأعراض الاجتماعية والسلوكية، حين يكون الهروب هو الملجأ

الاكتئاب لا يؤثر فقط على الجسد والعقل، بل يمتد تأثيره ليشمل سلوكيات الشخص وتفاعلاته الاجتماعية. الشخص المصاب بالاكتئاب قد يواجه صعوبة في التفاعل مع الآخرين أو الحفاظ على علاقاته الاجتماعية، كما قد يظهر تغييرات ملحوظة في سلوكياته اليومية. 

هذه الأعراض السلوكية والاجتماعية قد تؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة وقدرة الشخص على التفاعل بشكل طبيعي في المجتمع.

1- الانعزال الاجتماعي، تراجع العلاقات دون قصد

في الاكتئاب، يصبح التواصل مع الآخرين شاقًا. قد تحاول أن تبتسم، وتشارك في المحادثات، ولكن في الداخل، يبدو كأنك على جزيرة معزولة. تحاول الانسحاب تدريجيًا، خوفًا من أن يُكتشف الألم الذي لا تستطيع أن تضع له كلمات. علاقاتك تتحطم دون أن تشعر، لأنك ببساطة لا تستطيع أن تكون الشخص الذي كنت عليه.

2- الإهمال في العناية الشخصية

من السلوكيات التي قد تظهر لدى الشخص المصاب بالاكتئاب هو إهمال العناية الشخصية. قد يجد الشخص صعوبة في الحفاظ على روتين النظافة الشخصية أو ارتداء الملابس بشكل مناسب، ويشعر كما لو أن الأمور البسيطة لم تعد ذات أهمية.

3- الانعزال العاطفي عن الآخرين

الاكتئاب قد يجعلك تشعر بعدم القدرة على التواصل العاطفي مع الآخرين. حتى وإن كنت تشارك في الأنشطة الاجتماعية، قد يشعر أنه لا يوجد اتصال حقيقي أو عاطفي مع من حوله. هذه العزلة العاطفية قد تكون أكثر صعوبة في التعامل معها من العزلة الجسدية.

4- التقلبات المزاجية والسلوك العدواني

قد تظهر بعض التقلبات العاطفية المفاجئة، مثل الغضب غير المبرر أو الشعور بالإحباط بسرعة. في بعض الحالات، قد يظهر الشخص سلوكًا عدوانيًا تجاه الآخرين بسبب الشعور بالعجز أو الضغط النفسي.

يظهر الاكتئاب في سلوكيات الفرد بشكل متنوع، سواء في تغييرات في الروتين اليومي أو في تفاعلاته الاجتماعية. التحديات التي يواجهها الشخص المصاب بالاكتئاب في تفاعلاته مع الآخرين قد تكون مؤلمة له ولمن حوله.

إذا كنت أو أحد المقربين منك تظهر عليه هذه الأعراض السلوكية والاجتماعية، فقد حان الوقت للبحث عن الدعم والمساعدة المتخصصة. 

أعراض الاكتئاب حسب الشدة

الاكتئاب هو مرض معقد يمكن أن يتفاوت تأثيره من شخص لآخر. تختلف الأعراض بشكل كبير حسب شدة الحالة، وقد يكون من الصعب أحيانًا التفريق بين الحزن العابر والاكتئاب المزمن. 

من المهم أن نفهم أن الاكتئاب لا يظهر دائمًا في نفس الشكل أو بنفس الشدة، فقد يبدأ كحالة بسيطة يمكن معالجتها بسرعة، أو قد يتطور إلى حالة حادة تتطلب علاجًا طويل الأمد. 

معرفة مدى شدة الاكتئاب يساعد الشخص على طلب الدعم المناسب في الوقت المناسب.

التمييز بين الأعراض حسب الشدة يساعد على تحديد نوع العلاج الذي قد يكون الأكثر فعالية: هل هو علاج نفسي بسيط أم علاج مركب يتطلب أدوية متخصصة؟ فكل مرحلة من الاكتئاب تستدعي نهجًا مختلفًا، وملاحظة هذه التغييرات قد تساعد على تحسين جودة الحياة بشكل كبير.

الفرق بين الأعراض حسب شدتها

إن فهم شدة الاكتئاب يساعد على اتخاذ الخطوات اللازمة في العلاج بشكل أسرع وأكثر فعالية. إذا كنت تشعر بأنك قد تكون في مرحلة متقدمة من الاكتئاب، فلا تتردد في طلب المساعدة من متخصص. العلاج المناسب في الوقت المناسب قد يكون هو الفارق بين المعاناة والتعافي.

ستجد دائمًا “فريق استرحت” في انتظارك.. فقط قم بتحميل التطبيق وابدأ رحلتك للتعافي دون تسجيل حساب أو خطوات معقدة.

أعراض الاكتئاب الخاصة بفئات معينة

هل تختلف أعراض الاكتئاب من شخص لآخر؟ في الواقع، نعم. قد تظهر أعراض الاكتئاب بشكل مختلف اعتمادًا على الفئة العمرية أو الظروف الخاصة. 

على سبيل المثال، الاكتئاب عند النساء بعد الولادة يختلف تمامًا عن الاكتئاب عند المراهقين أو الرجال. إذًا، كيف يمكننا فهم هذه الفروق؟ وهل يمكن أن تؤثر هذه الاختلافات على طريقة العلاج؟

أعراض اكتئاب بعد الولادة

هل شعرتِ يومًا وكأنكِ غير قادرة على تحمل مسئولية الأمومة؟”

الأمومة هي مرحلة مليئة بالتحديات، ولكن بعض الأمهات قد يشعرن بفراغ عاطفي أو شعور غريب بالحزن بعد الولادة، هذا ليس أمرًا نادرًا. الاكتئاب بعد الولادة ليس مجرد حزن عابر، بل هو حالة نفسية تحتاج إلى اهتمام. قد تجدين نفسك لا تستطيعين الاستمتاع بالأوقات مع طفلك، وتشعرين بالعجز أمام مشاعر لا يمكنك تفسيرها.

• شعور بالحزن المستمر والقلق.
• فقدان الرغبة في الاعتناء بالطفل.
• التغيرات في الشهية والنوم (زيادة أو نقصان).
• الشعور بالذنب وعدم القدرة على الاستمتاع بالأمومة.
• نوبات بكاء غير مفسرة.

إذا شعرتِ بأيٍّ من هذه الأعراض بعد الولادة فأنتِ بالتأكيد في حاجة إلى من يتفهّم ما تمرين به.. لا تترددي في التواصل مع “فريق اشترحت” ستجدين دائمًا الدعم المناسب.

أعراض الاكتئاب عند الرجال

“هل من الخطأ أن يشعر الرجل بالحزن؟”

غالبًا ما يُتوقع من الرجال أن يكونوا دائمًا “قويين” وألا يظهروا ضعفهم، لكن الحقيقة أن الاكتئاب لا يعترف بالحدود الجندرية. شعورك بالغضب المستمر أو اللجوء إلى تعاطي المواد قد يكون رد فعل على الألم الداخلي، وعندما لا تجد مخرجًا آخر، قد تشعر أنك تختنق.

للأسف، كثيرًا ما يخطئ البعض في تشخيص الاكتئاب لدى الرجال لأنه قد يظهر بأعراض غير تقليدية مثل العدوانية أو الرغبة في الهروب عبر تعاطي المواد. يُعتقد أن الرجال لا يظهرون الاكتئاب بالطريقة نفسها التي تظهر بها النساء، ولكن الاكتئاب عند الرجال قد يأخذ أشكالًا مختلفة قد يكون من الصعب ملاحظتها.

• الغضب والعدوانية المستمرة.
• زيادة في تعاطي الكحول أو المخدرات.
• القلق المستمر وفقدان الرغبة في الأنشطة الاجتماعية.
• الشعور بالعجز وعدم التقدير.
• تراجع الأداء في العمل أو الحياة الشخصية

أعراض الاكتئاب عند المراهقين والأطفال

سعود، مراهقٌ في السادسة عشر من عمره، كان شابًا اجتماعيًا ومحبًا للأنشطة. لكن مع بداية السنة الدراسية الجديدة، بدأ يظهر عليه تغيرات مفاجئة. 

أصبح ينسحب عن الأصدقاء، يتهرب من الأنشطة المدرسية، وبدأ يظهر عدوانية غير مبررة تجاه أفراد عائلته. لم يكن أحد يعلم أنه يعاني من الاكتئاب، وقد كان يعتقد أنه مجرد مرحلة صعبة تمر به. 

لكن مع مرور الوقت، أدرك أنه بحاجة إلى مساعدة.

في سن المراهقة تظهر أعراض الاكتئاب بشكل يختلف عن مرحلة الطفولة، فقد تبدو على هيئة:

• انخفاض الأداء المدرسي.
• سلوك متمرد وعصيان.
• العزلة الاجتماعية والابتعاد عن الأصدقاء.
• مشاعر الإحباط وفقدان الأمل.
• اضطرابات في النوم والشهية.

متى تختفي أعراض أدوية الاكتئاب؟

إن رحلة العلاج من الاكتئاب ليست دائمًا سهلة أو سريعة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأدوية النفسية. قد تشعر بالتساؤلات التي تزدحم في ذهنك: “متى سأشعر أنني بخير؟” أو “لماذا لا تختفي الأعراض بسرعة؟” الحقيقة أن الأدوية تحتاج إلى وقت طويل نسبيًا لتؤتي ثمارها، وقد يختلف هذا الوقت من شخص لآخر بناءً على عوامل متعددة.

في هذه الفقرة، سنتعرف معًا على المدة الزمنية التي يحتاجها الجسم للاستجابة للعلاج، ونوضح لك كيف يمكنك فهم تطور الأعراض خلال هذه المرحلة الصعبة، ولماذا الصبر والمثابرة مهمان للغاية في هذه الرحلة العلاجية.

كيف يتحسّن جسدك بالعلاج؟ العوامل المؤثرة على سرعة التحسن

إن رحلة التعافي من الاكتئاب ليست متشابهة بالنسبة للجميع، حيث تتأثر استجابة الأدوية بعدة عوامل قد تساهم في سرعة تحسن الأعراض أو تأخيرها. 

كأخصائية نفسية، أرى كثيرًا من المرضى يتساءلون عن السبب وراء هذا التأخير، ويشعرون بالإحباط بسبب البطء الظاهر في التحسن. لكن الحقيقة أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تؤثر في هذه العملية بشكل مباشر:

• نوع الدواء:

أدوية الاكتئاب ليست واحدة. بعضها يبدأ في العمل بسرعة نسبية، وقد تبدأ في تحسين بعض الأعراض مثل النوم أو الشهية خلال الأسابيع الأولى. لكن هناك من حبوب الاكتئاب قد تحتاج وقتًا أطول حتى تبدأ في إحداث تأثير حقيقي على المزاج والأفكار.

هذا لا يعني أن العلاج غير فعال، بل قد يكون فقط بحاجة لوقت أكبر ليتماشى مع احتياجات جسدك.

• شدة الاكتئاب:

الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الحاد قد يحتاجون إلى وقت أطول للرد على العلاج مقارنةً بالأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الخفيف. في الحالات الأكثر شدة، قد تكون أعراض الاكتئاب معقدة ومتعددة، مما يتطلب مزيدًا من الوقت لكي تبدأ الأدوية في تحسين الوضع النفسي بشكل كامل.

• الاستجابة الفردية للعلاج:

كل شخصٍ يختلف عن الآخر في كيفية استجابته للعلاج. ما قد يعمل بشكل جيد لشخص آخر قد لا يكون فعالًا بنفس الطريقة بالنسبة لك. قد تجد أن بعض الأدوية تحتاج لتعديل الجرعة أو تغييرها بالكامل قبل أن تجد العلاج الأنسب لك. 

لذلك، لا داعي للقلق إذا شعرت أن البداية كانت بطيئة، لأن الأطباء سيعملون معك لتحديد الخيار الأفضل.

• العوامل النفسية والاجتماعية:

لا تقتصر عملية التعافي على الأدوية فقط، بل إنها تشمل أيضًا الدعم النفسي والاجتماعي. العلاج المعرفي السلوكي، على سبيل المثال، يمكن أن يكون مكملاً قويًا للأدوية، إذ يساعد في معالجة الأفكار السلبية والمشاعر المرتبطة بالاكتئاب. كما أن وجود شبكة دعم اجتماعي قوية، مثل العائلة والأصدقاء، يمكن أن يسهم في تسريع عملية الشفاء.

متى ينبغي طلب المساعدة؟

من الطبيعي أن تشعر بالحيرة أو القلق إذا لم تلاحظ تحسنًا كبيرًا بعد مرور 6-8 أسابيع من بداية العلاج. إذا كنت قد بدأت في تناول الأدوية ولم تشعر بتغيير ملموس أو إذا بدأت تعاني من أعراض جانبية غير محتملة، فهذا هو الوقت المناسب للتواصل مع طبيبك. 

قد يكون من الضروري تعديل الجرعة أو تبديل الدواء أو حتى إضافة علاج نفسي مكمّل، مثل العلاج السلوكي المعرفي، لكي تجد التوازن الذي يتناسب مع حالتك. مهمتي كأخصائية نفسية هي أن أكون هنا لدعمك في هذه الرحلة، وأن أساعدك في تحديد ما هو الأفضل لك.

الأسئلة الشائعة حول أعراض الاكتئاب:

كيف أميز الاكتئاب عن الحزن العادي؟

الاكتئاب يستمر لفترة طويلة ويؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية، بينما الحزن العادي يكون مؤقتًا ويزول مع مرور الوقت أو تغير الظروف.

هل الأعراض الجسدية شائعة في الاكتئاب؟

نعم، الأعراض الجسدية مثل التعب المزمن، آلام الجسم، واضطرابات النوم والشهية شائعة جدًا في الاكتئاب.

كم يستمر الاكتئاب إذا لم يُعالج؟

إذا لم يُعالج، قد يستمر الاكتئاب لعدة أشهر أو حتى سنوات، ويزيد من خطر المضاعفات الصحية والنفسية.

هل تختلف الأعراض بين الرجال والنساء؟

نعم، الرجال قد يظهر عليهم الاكتئاب على شكل عدوانية أو تعاطي مواد مخدرة، بينما النساء قد يعانين من مشاعر حزن وعزلة أكبر.